عـقـلنا الجماعي ، خطأٌ يوجب التـنويه أم مغـالطةٌ مقصودةٌ توجب التصحيـح

رسالة مفتـوحة إلى ربيع شرير

PrintE-Mail

Azzul ghefwin :
آزول غفون :
السلام عليكم :

كتب ربيع شرير في مقالٍ له نشر في مجلة رابطة أدباء ليبيا الإلكترونية مقالاً بعنوان ( تانيت ، مجلةٌ جينها التراب ) في حديثٍ جدّ مقتضب عن مجلّة ( ليبية ) حديثة المنشأ ، لكن ما جعلني أشيح ناظري عن بقية المقال مكتفياً بقراءة السطر الأول فقط منه ، لا كونه محض ( حديثٍ ) عابر ، عن مطبوعةٍ ( لا يقرأها أحد منذ أضحت صحافتنا الليبية صحافةً صمّاء ) فقط ، بل كان السبب ظهور علامةٍ ليبيةٍ مميزةٍ لطالما قرأتها كسمّةٍ ليبيةٍ تبرز بجلاءٍ لأي متابعٍ مستقلٍ في جل كتاباتنا ( الليبية ) ، إنها علامة صفةٍ أراها أكثر سلبيةً مما تستطيع ، بكلمةٍ أكثر تحديداً أتكلم هنا عن ثقافة ( تغليب الوافد على المقيم ) .

يقول المحترم ربيع شرير في بادئة مقالته – التي اكتفيت بقراءتها – (تانيت ليست رمز الخصب الفينيقي في ميثولوجيا الساحل والصحراء والصلة بين مشرق الوطن العربي و مغربه فقط ) ، و أضع خطين شديدي الاسوداد تحت كلمة ( فينيقي ) ، فمن أين فهم عزيزنا أن ( تانيت ) هي رمزٌ ( فينيقيٌ ) وافد ، و ليست معبودةً ( ليبيةً ) أصيلة ؟ .

فلنقرأ جميعاً مفاتيح البحث عن ( الله ) لدى الليبيين – الأمازيغ – ، و أول وثيقةٍ نقرأها هي ( تلابا ) أو ( الجرد ) و ( الحولي ) الليبي ، الذي وثق داخل ( كلاّ – نقوشه ) حيث كانت هذه النقوش حتى اليوم في جبل نفوسة تحوي رسم شكل المعبود الليبي ( تانيت ) و من العادات الليبية التي لا تزال سارية حتى اللحظة في هذا الجبل دفن الميت في كفنٍ يصنع من جرده بعد أن تزال منه النقوش و سبب ذلك أن الإلهة لا يجوز أن تدفن مع الميت – كاعتقادٍ قديمٍ يعود الى سنوات ما قبل التاريخ – ، و نرى أيضاً إشعال النار في ( عاشوراء ) و هي من العلامات الليبية الخاصة في عيد عاشوراء التي ينفرد بها عن الشرق لسبب ( سيرد لاحقاً ) ، و صولاً الى عادة إشعال النيران و تفجير المفرقعات في عيد ( المولد النبوي ) ، كلها دلالات تدّل على قراءة منطقية لواقع ليبي ديني ( متفردٍ و فريد ) ، يقول شيشرون أنه عندما قابل الملك ماسينيسا الجنرال سكيبيو الروماني ، صلى للشمس و هو يقول ( إني أقدم شكري العميق لك يا أيتها الشمس المعبودة المرتفعة والي سائر الآلهة أيضاً في السماء ) ، فالليبيون عبدوا الشمس، النار، و لا تزال أدلةٌ في ثقافتهم الدينية حتى اليوم تعود الى هذه المرجعية كما أشرت سابقاً، من هنا نسأل هل استورد الليبيون معبوداتهم و نحن نرى شدّة تشبثهم بثقافتهم الدينية الخاصة ؟ .

في اللغة الأمازيغية ، يسمى الرطب ( التمر ) تيني ، و هو ليس اسم غلّة بعينها كما يعتقد البعض فللتمر في اللغة الأمازيغية أسماء تحتاج الى مجلدات و كتب للحديث عنها و تحليلها ، لكن الكلمة ( تيني ) في الأمازيغية تعني ( المثمر أو المُخصب ) ، هنا نعود الى لفظ الإله الليبي ( تانيت ) الذي استمد اسمه من اللغة فكانت إله الإخصاب لدى الليبيين ، و توجد نقوشٌ مصريةٌ ذكر فيها اسم الإله الليبي بصفة ( سيّدة الغرب ) أي أن هذا الإله إله ليبيٌ بأدلةٍ دامغة ، و يعتقد البعض أن الليبيين نسوا هذا الإله لكن الأمر لم يحصل البتة كما هو حال موروث عبادتهم للنار .

( الخميسة ) التي يعتقد أنها مستوحاة من الشرق في واقع الأمر ليست سوى امتداداً و تجسيماً لشكل رسم الإله تانيت ، فالخميسة ليست يد فاطمة الزهراء كما يعتقد البعض فالميثيولوجيا الإسلامية ترفض الاعتقاد بالتمائم و الرموز ، بل هي ( عين تانيت التي تزيل الشر ) ، إذ يرد الشكل في نقوش ليبية قديمة تعود الى فترات ما قبل الفتح الإسلامي بقرون عدّة ، فهذه الربّة الأمازيغية كانت زوج بعل- آمون – آمون الأمازيغي و بعل الفينيقي – ، إذ يذكر المؤرخون أن الفينيقيين هُزموا أمام الإغريق فغيروا من إستراتيجيتهم لجلب الدعم الأمازيغي، لذا قاموا بتبني آلهة أمازيغية الأصل، بالإضافات إلى إصلاحات سياسية و إدارية، فتبنوا ( تانيت ) الأمازيغية ، و مزجوا بعل الفينيقي بآمون الأمازيغي ، و ذلك لصياغة موازنة داخل قرطاج بالاعتماد على العنصر الأمازيغية ، ما جعلهم يشكلون مصدراً لتوازن القوى مع الإغريق و الرومان لفترة من الزمن ، كما عُرفت تانيت بأنها ربّةٌ ليبيةٌ أيضاً .
إن الاعتقاد بوجوب وفود أي طرحٍ أو أيقونةٍ أو رمزٍ ميثولوجي ليقبله العقل الليبي و يتشجع للحديث عنه بل والافتخار به، و لفظ، رفض وإقصاء أي دلالةٍ من دلالات الأصالة هو في واقع الأمر أمر يتعدى كونه مجرّد أزمةٍ عابرةٍ بل هي علامةٌ جدّ فارقة ، تميّزنا نحن الليبيين عن كل شعوب المعمورة ، فيخرج المنظرون و الكتبة و أشباه الكتبة بأطروحات تنفي أصالة أي رمز، أو مرجعية أي أطروحةٍ ميثيولوجية محلية لنسبها بمشقّة جد مضنية للآخر أيٌ كان، بينما في واقع الأمر لا يحتاج أمر إثبات أصالته و مرجعيته الى البلد الأم ( ليبيا ) سوى نظرةٍ عقلانية نحاول قدر الإمكان إزالة الفكرة المسيطرة على العقلية الليبية ، فكرة ترسيخ ثقافة ( تغليب الوافد على المقيم ) .

آر توفات
Ar Tufat
ؤسيغ سـ غادس د ؤغيغ يايط
Usigh s ghdes d ughigh yyatv



قم بكتابة اول تعليق

شاركــــنا رأيك و بإحترام

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*