مناهج شمال افريقيا هل وضعوها للتعليم او للتعريب ؟!

PrintE-Mail
school_history_books

هناك حكاية رمزية تحكى عن الأسد والصياد حيث قام الإثنين بزيارة متحف للرسومات فمرا بلوحة فنية يظهر فيها الصياد يتغلب على الأسد فقال الصياد أنظر الإنسان يغلب الأسد دائما ويصرعه فأجابه الأسد آآآآه لو عرف الأسد الرسم لشاهدت ماذا كان يرسم… القصة أوردها الفيلسوف الفرنسي لافونتين

التاريخ ليس مجرد حكايات تعاد وتكرر ، بل هو مصدر لإلهام الشعوب وإستنهاضها لبناء مستقبلها، وتاريخ الشعوب هو رصيدها المتين ونبعها الذى لاينضب ، هكذا تنظر الشعوب المتحضرة لهذه المادة ومناهجها التعليمة، فإختيارها مبني على دقة وموضوعية تامة بحيث تسنهض الشعوب شبابها وتشرح لها ماضيها المشرف .

سوف تلاحظون – بالرغم من بعض التحفظات الطفيفة – كيف ان المناهج التعليمية الليبية تغيرت الى الاسواء من 1948 حتى 2005 فمادة التاريخ أول ما كتبت كانت مصدر لإعتزاز الليبي بجذوره ووطنيته ، ثم تدحرجت الى الاسواء لتصبح مادة للتشريق (بمعنى إتخاد الشرق كنقطة إلهام لكل ما هو تاريخي وطني) وضاع فيها الوطن وسط خضم الأممية التي لم يجني منها الوطن سوى الخراب. الغريب في الامر أننا لازلنا نمارس نفس الخطأ ونصر عليه والكثيرون في المعارضة الليبية – حتى المثقفون منهم – لا يرون في الأمر أي أهمية تذكر، ومن يرى فيه أهمية فإنه يعتبرها جانبية.

يبدو أن العصابة المتسلطة على مقاليد الحكم قد سبقت الجميع لمعرفة أهمية هذا الموضوع وإلا لم غيرت المناهج إن لم ترى فيها أدات لقتل الروح الوطنية وطمسها ؟

في هذه المقالة نود أن نقارن بين المناهج التعليمية لأربع دول متجاورة وهي : ليبيا تونس الجزائر والمغرب والسبب في المقارنة هو أن هذه الدول المغاربية الاربعة تشترك تقريبا في جل أحداث التاريخ القديم والأوسط مع بعض الإستثناءات طبعاًَ.

المادة المستخرجة سوف تكون من الصف السابع أو الأول أعدادي في بعض الدول مركزا على القسم المتعلق بالأمازيغ في هذه المناهج مع التنبيه على كون الإختيارات كانت قد حتمته الضرورة لأنه الوحيد الذي في حوزتينا، مع التنبيه أيضا أن الحركة الأمازيغية في كل هذه الدول غير راضية على هذه المناهج والمغرب بدأ في خطواة عملية لرد الإعتبار للتاريخ الوطني الأمازيغي والتصالح معه .

إبتداء بالمغرب الأقصى فان المشرفين على تجهيز المادة الدراسية أساتذة ومفتشي تعليم لدى وزارة التعليم ولهم باع طويل في تدريس مادة التاريخ بينما في المقابل في ليبيا المؤلفون هم شلة من العروبيين يترأسهم أجنبي سوري والمراجعون يترأسهم العروبي علي فهمي خشيم وأحمد ابراهيم رأسي البلاء في ليبيا.

أرجوا أن تنظروا أسفله الى قائمة المواد التي يحتوي عليها كتاب التاريخ الليبي الحالي أي لسنة 2005

لاحظوا أن كل المداخل ماعدا الأول والثاني تنسب كل شيء قامت به الأمة الإسلامية للعرب وحدهم، هذه الصفاقة واللاموضوعية لم يتجرأ عليها سوى العروبيون في ليبيا. يعني أن مقاومة أجدادنا للدولة الأموية العروبية المقيتة ذهب سدا وجهادهم لإرجاع بيضة الإسلام الحنيف لطريقه القويم راحت سدا فهاهم الأمويون الجدد يعيدون بناء عنصريتهم القديمة بطريقة عصرية فكأن مشاركة أجدادنا في بناء صرح الإسلام لم يكن له معنى وأن العربي البدوي هو من بنى كل هذا مع العلم أنه لايوجد عالم واحد في العلوم التجريبية من أصل عربي إبتداء من إبن سينا والخوارزمي والفارابي بل حتى العلوم الدينية من البخاري إلى الشافعي حتى سيبويه واضع قواعد اللغة العربية فارسي وابن أجروم امازيغي إلى غيرهم.

إن مراجعة المناهج التعليمية لا يمكن أن يستمر على كونه مطلب للحركة الأمازيغية وحدها بل يجب أن يكون مطلب وطني عام وشامل. والغريب في الامر أن الإسلاميين بسكوتهم المريب يبدون متواطئين مع النظام العروبي في نسبة كل ما هو إسلامي إلى العروبة وبهذا يصبح نشر الإسلام غزو عربي مقيت. وجهاد ومساهمة ونظال أجدادنا إستغفال وإستغلال من قبل (العرب الغزاة).

هذه المناهج وبكل وضوح لا تعترف بليبيا قبل الغزو العربي فإن تاريخ ليبيا يبدأ من الفتح العربي ويجب التركيز على الفتح العربي ونحن كأمازيغ (إذا قدمت لنا المادة التاريخية بهذه الصورة فإننا سنعتبرها غزو جديد وبصورة جديدة مقيتة ) بخلاف الصورة الحقيقية عن إنتشار الإسلام عن طريق السلم والدخول فيه طوعية من قبل السكان الأمازيغ.

قارن مع المناهج التعليمية على نفس المستوى في تونس مثلاً:

أولا المادة جد دسمة والتلميذ يتعلم فعلا من خلال الكتاب المنهجي والهدف الأساسي واضح تعليمي وليس ايديولوجي والغريب في الأمر أن الطالب في دول الجوار يتعلم ويقرأ عن تاريخ ليبيا أكثر مما يتعلمه الطالب الليبي عن تاريخ بلده . لاحظ القسم المتعلق بالممالك الأمازيغية القديمة المحذوفة من المناهج الليبية.

tunis_history_7_index

بعد المقارنة بين المنهجين التونسي والليبي راجع المنهج التعليمي الليبي سنة 1948 ولاحظ مستوى الإنحطاط الذي وصلت له المناهج التعليمية الليبية وكيف تدحرجت الى ازمة تعليمية . من تونس ننتقل الى الجزائر والناظر للوهلة الأولى للمناهج الجزائرية يظن أنه يقرأ مقرر دارسي للسعودية وبالرغم ماقيل وعلاوة على أن النظام القائم على الجزائر هو أيضا عروبي إلا أنه لم تبلغ به درجة الوقاحة ما وصلت عليه المناهج الليبية فهو يسمى الأشياء بمسمياتها لاحظ وقارن بين المنهجين الليبي والجزائري.

نود التنبيه على أن الإهتمام بالتاريخ الأمازيغي كان في السنة اللاحقة للسنة بين يدينا وهي السنة الثامنة في الجزائر لاحظ أسفله:

algeria_history_7_index

لاحظ أن التعريف المختار لتسمية الأمازيغ في المناهج التعليمية هو ما إختاروه لأنفسهم ولاحظ كذلك ما يلحق به من تعليق موعظي ديني في غير محله ولا يلحق عند التعريف بالعرب فقط للإنتباه. ثم لاحظ أيضا ان الطالب الجزائري من خلال هذا المنهج سوف يتعرف على التاريخ الليبي أكثر من الطالب الليبي نفسه.

إنتقال من الجزائر إلى المغرب وهو منهج تعليمي ليس باالبعيد عن المنهج التونسي مع العلم أن المغرب يسمى المنهج التعليمي لهذه المرحلة بمادة إجتماعيات وأن المنهج بين يدينا قبل أن تجرى عليه أي تعديلات مقترحة من قبل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية.

سوف ندعوا القارئ اللبيب يقارن ويفهم الفارق بين المناهج الليبية القديمة والحديثة أولا وهي منشور ضمن الملف، وبين المناهج الليبية الحديثة 2005 ودول الجوار.



مؤسسة تاوالت الثقافية
عن مؤسسة تاوالت 74 مقالة
تاوالت مؤسسة ثقافية وإعلامية تهدف أن تكون فضاء للتواصل بين المهتمين بحقلي اللغة والثقافة الأمازيغية في داخل وخارج ليبيا الحبيبة. إننا في تاوالت نؤمن بأن الأمازيغية مكون أساسي من مكونات الشخصية الليبية، نسعى إلى المساهمة الايجابية ضمن الثقافة الليبية، التى ندرك ما تعانيه بدورها من ضمور وانكماش، إن رؤية تاوالت هي رؤية منفتحة على اللثقافة الليبية بوحدتها كما بتنوعها الخلاق.

قم بكتابة اول تعليق

شاركــــنا رأيك و بإحترام

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*