

هل تعدد اللغات محرم في الاسلام؟
إن تعدد اللغات والثقافات والالوان عند بني البشر هو رحمة لهم وآية [1] من آيات الله تعالى الكثيرة في خلقة لا ينكرها إلا كافر لقولة تعالى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) (الروم 22)، فهل يستطيع إنسان أن يعيش على لون واحد من الطعام يأكله كل يوم؟.
إن جمال هذه الحياة يكمن في تعدد واختلاف ألوان طيفها الزاهي، فالتعددية والاختلاف هي رحمة الاهيه وكذا هو تعدد أديان وألوان بني البشر فتجد الأسود والأحمر والأصفر وتجد اللسان الليبي والعربي والكردي والإنجليزي فمشيئة الله اقتضت إن يكون البشر مختلفين إلى ما شاء الله لقوله تعالى: ( ولوشاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين). (يوسف 118).
كيف فهم اجدادنا القرآن وتعاليم الاسلام وهم لا يتحدثون العربية ؟
أجدادنا الليبيين كانوا لا يفقهون في العربيةِ شيئاً عند قدوم المسلمين لشمال أفريقيا إلا انهم فهموا الإسلام بلسانهم الذي يفقهون ودخلوا في دين الله أفواجاً، وساهموا مساهمة فعالة في نشر الإسلام في الأندلس وفي بلاد السودان الى ان وصلت الرسالة لوسط افريقيا على يد المرابطين الصنهاجة ومن بعدهم الموحدين كما لا يفوتنا ذكر مساهمة اباضية جبل نفوسة وتجار القوافل مع أفريقيا عبر الصحراء، والغريب ان وزارة التعليم الليبية تتحاشى تعليم هذا التاريخ الليبي الاسلامي في كل مراحل التعليم الأساسي والاعدادي.
إن لسان اجدادنا لم يكن يوماً حاجزاً بينهم وبين الإسلام أو عائقاً لفهم القرآن والسنة بشكل صحيح فالأمريكي والأوروبي والماليزي اليوم يفهم الإسلام وأوامر الله ونواهيه بلغته هو فتجد اندونيسي لا يعرف اللغة العربية اسلامه اصدق واقوم من الذي يعرفها؛ فاللغة ليست ركناً من أركان الإسلام الخمسة أي أن اللغات التي نزل بها القرآن والانجيل والتوراة… ليست شيء أساسي في فهم الدين إذ يمكن للأجنبي اليوم أن يفهم الدين وهو أوامر الله ونواهية بلسانه الخاصة عبر التراجم والشروحات المتوفرة بشتى الألسن المتنوعة ولوا ادعينا أن الترجمة تحرف الرسالة والمعنى فهذا يعني أننا نطعن مباشرتاً في إسلام ملايين المسلمين ومن بينهم أجدادنا الليبيون الذين اسلموا بناء على ما فهموه من تراجم القرآن حيث انهم كما قلنا كانوا لا يفقهون العربية.
أي أننا نتهمهم باتباع رسالة محرفة وهذا خطأ لان الترجمة الأمينة الصادقة الحرفية رغم انها لا تقدم تقابل دقيق نظراً لاختلاف المفاهيم بين المنظومات الحضارية، الا انها لا تضيع المقصد والمعنى ولا تضر أبداً بفهم الرسالة التي ارادنا الله اتباعها لقوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). (الحجر 9)، واللغة عند الله وسيلة وليست غاية، فغاية الاديان هي الايمان بالله واتباع اوامره واجتناب نوهية ولهذا تم وبحمد الله ترجمة القرآن ليتمكن الجميع من فهمه، بالإضافة الى الترجمة الحرفية المطابقة لييسر على الجميع فهم الدين مع الاعتزاز بلغتهم وهذا انجاز كبير لا يخالف الشريعة الإسلامية ولا إثم فيه ولا تحريم او عقاب او عذاب ويشكرون عليه فجزاهم الله عنا كل خير، إن الكتب السماوية جاءت بألسن متعددة لقولة تعالى: ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) (إبراهيم 4)
الاصم يصلي بلغته الخاصة، فلماذا لا اصلي بلغتي؟
إن الهدف من هذه الرسالات التوحيدية كلها في نهاية المطاف هو عبادة الله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي خلق كل اللغات وأن لا نشرك به شيءً وبناء إنسان صالح وذلك بغرس القيم والأخلاق والتعاليم الدينية التي تحملها هذه الرسالات. وعلى هذا الأساس، فإن هذه القيم يمكن تبليغها بأي لغة والكل يدرك ويعي بأن إسلام الشخص يصبح واقعاً بالنيه الصادقة في القلب، فليس مطلوب من الأنسان أن يحمل دبلوم أو دكتوراه في اللغة ليكون مسالما صالحاً او يدخل الجنة، وليس مطلوب منه ان ينطق صوتاً او يحرك شفتيه اصلاً، فالاصم والابكم هو مسلم حقيقي يعبد الله في قلبة وجوفه بلغته وهي ما يقوله في داخله بلغته الخاصة التي هي ليست عربية وليس كأي لغة طبيعية والله يعلم بالنيه، فما بالك باللغات الاخرى المنطوقة!، إن الديانات التوحيدية ومنها الإسلام لم يفرض لغة ما لأداء العبادات فلا وجود لتحريم لا في القرآن الكريم ولا في السنة المشرفة إنما التحريم والتهويل جاء من البشر أنفسهم لأغراض سياسية واجتماعية بحثه والمسلم الحق هو من يأخد من براهين القرآن والسنة ولا يتبع اقوال البشر.
عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إني قد خلفت فيكم اثنين لن تضلوا بعدهما أبداً كتاب الله وسنتي
[1] – آية: تعني معجزة و عبرة وعلامة وامارة.
قم بكتابة اول تعليق