وضع المرأة الليبية في المجتمع الليبي القديم – حقوق المرأة في ليبيا

PrintE-Mail

المجتمع الأميسي

المرأة الامازيغية
المرأة الامازيغية

المجتمعات نادراً ما تمنح المرأة الريادة والقيادة، فما بالك بنسب الطفل لأمة!، الا ان المجتمع الليبي قديماً كان استثناء حيث خرج عن القاعدة العامة واصبح من المجتمعات القليلة التي ينتسب فيها الابناء والبنات الى امهاتهم.

ونجد ان المرأة تبوأت مواقع قيادية عليا حيث برز من النساء الامازيغيات شخصيات قيادية أمثال لـالّا فاضما نـ سومر من جرجرة وزينب النفزاوية التي لعبت دورا أساسيا في عهد يوسف بالمغرب، ووصفها ابن خلدون بأنها «إحدى نساء العالم المشهورات بالجمال والرياسة» وكتب عنها ابن الأثير بأنها «كانت من أحسن النساء ولها الحكم في بلاد زوجها ابن تاشفين» وقال عنها أحمد بن خالد الناصري في الاستقصاء وهو يصف علاقتها بيوسف ابن تاشفين «كانت عنوان سعده، والقائمة بملكه، والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب».

وقد استطاعت المرأة ان تفرض نفسها في مجتمعها وانتزعت مكانتها الرفيعه في الماضي، وبرز منهن قائدة جيوش وملكة عظيمة من قبائل زناتة تدعى (ديهيا بنت ماتيا بنت تيفان).

هنا نلاحظ ان نسبها يعود لأمها وجداتها وهذا دليل على ان المجمتع اعتمد النظام الامومي (matriarchy) منذ القدم حيث نجد الاغريق وقد رسموا الكثير من الاساطير حول المقاتلات الليبيات الامازونيات وقائدتهن مورينا اللاتي قطعن اثدائهن ليتفرغن للقتال بالاضافة للغرغونات وزعيمتهن ميدوسا.

واستمر هذا الحال الى حين مجيء الاسلام الذي يفرض على اتباعه ان ينتسب الطفل الى الذكر وانحصر بهذا دور المرأة الليبية في المجمتع على العكس من هذا نجد ان الاسلام حسن نسبياً وضع المرأة العربية التي لم تكن هناك سوى متاع او عار وجب دفنه ومواراته تحت التراب او خلف الجدران والاحجبه، ورغم هذا مازالت الكثير من قبائل شمال افريقيا تنسب الابن لامه فيقولون هذا ابن او بنت فلانه ولا ينسبون الطفل الى الاب في تعاملاتهم الغير رسميه.

والجدير بالذكر ان المرابطين وهم بالأساس قبائل صنهاجية كانوا ينتسبون الى امهاتهم ويظهر هذا بوضوح في انساب قادتهم، كالقائد إبن تاشفين وإبن تلاكاكين وإبن عائشة وإبن تيفاوت وابن غانية ونجد ايضاً الرحالة إبن بطوطه وهو من قبيلة لواتة ينسب لامه.

بالاضافة لهذا نجد عادة اخرى مرتبطة بتقدير واحترام المرأة وهي قيام شبابهم بمناداة من يقربهم او يصغرهم في السن يا (ولد امي) وقيامهم بمناداة الرجل الموقر والذي له مكانه واحترام يا خالي (اخ امي)، ولا يقولون يا عمي (اخ ابي) كما يفعل العرب اصحاب الثقافة الشرقية الذكورية؛ المرأة في المجتمع الامازيغي كانت تشارك في مجالس القبيلة ولها سلطة ونفوذ على الرجال، وتلقب المرآة البارزة وذات المكانة المؤثرة في الاسرة والمجتمع ليومنا هذا باسم (لـالّا)، وحكيمة القبيلة وكبيرتها تلقب بصفة (تامغارت).

كما ترفض المرأة التارقيه ان ترتبط برجل متزوج، ومقارنة بالعرب نجد ان تعدد الزوجات والطلاق يقل عند الليبيين، ليس لان الرجل يرفض هذا بل لان المرأة الامازيغية مرأة صلبة وقوية ذات كرامة وكبرياء فلا تتحمل ان يتزوج عليها رجلها ويجلب لها ضرة، فلهذا جرت العادة ان تترك المرأة الامازيغية زوجها نهائياً في حال تزوج عليها، ولا يحدث الطلاق الا في حالات قليلة حيث يصعب فيها اصلاح العلاقة اما الزواج بثانية فهذا برجع الى الرجال الذين يحثون دائما على الزواج بمرأة ثانية وافساد حياتة الزوجية وتشتيت اسرته وضياع مستقبل ابنائه، وهنالك الكثير من الشواهد الاخرى على مكانة المرأة لا يسعني ذكرها.

يقول ابن بطوطة متوفي 1378م

ثم وصلنا إلى بلاد بردامة، وهي قبيلة من البربر، وضبطها بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهمل والف وميم مفتوح وتاء تأنيث، ولا تسير القوافل إلّا في خفارتهم، والمرأة عندهم في ذلك أعظم شأنا من الرجل

تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ج4، ص271 ، ابن بطوطة

—————————–

حق الأم في التوريث

إن لليبيين الاصليين نظام عجيب ونادر في العالم اجمع حيث نجد ان الوراثة تتم عبر الام وليس الاب.

كأن يرث ابناء الاخت الكبرى المركز الاجتماعي للحاكم المتوفي، وهذا نابع من الفكرة السائدة عند الليبيين (الثلثين للخال) أي ان دم الحاكم يجري في دم ابن الاخت، واما زوجة الحاكم فيجب ان تكون من اصل ملكي، بالاضافة للذي تحدثنا عنه حول ثوريت النسب.

يقول ابن بطوطة متوفي 1378م

ذكر سلطان تكدّا: وفي أيام إقامتي بها توجّه القاضي أبو ابراهيم، والخطيب محمد والمدرس أبو حفص، والشيخ سعيد بن علي إلى سلطان تكدّا، وهو بربري يسمى إزار، بكسر الهمزة وزاي والف وراء، وكان على مسيرة يوم منها، ووقعت بينه وبين التكركرى، وهو من سلاطين البربر أيضا، منازعة فذهبوا إلى الاصلاح بينهما فأردت أن القاه، فاكتريت دليلا وتوجهت إليه، وأعلمه المذكورون بقدومي فجاء إليّ راكبا فرسا دون سرج وتلك عادتهم، وقد جعل عوض السرج طنفسة حمراء بديعة وعليه ملحفة وسراويل وعمامة كلّها زرق، ومعه أولاد أخته وهم الذين يرثون ملكه

تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ج4، ص276 ، ابن بطوطة

—————————–
إقراء المزيد

———————————————–

1- الليبيون: اول ظهور لمصطلح بربر كان عند الاغريق حيث اطلقوه على كل شعب لا يتحدث اللغة اليونانية، ولكن حسب ما اطلعت عليه من كتبهم لم اعثر على دليل بأنهم استخدموا هذا المصطلح لوصف الليبيين، ولكننا نجد سترابو وصف الليبيين بالبربر في العهد الروماني الذي ظهر فيه مصطلح مور ومنها اشتق اسم موريتانيا وموريسكي و موروّكو، والليبيون اطلقوا على جزء منهم صفة مازيغ وتعني نبيل حيث يشمل هذا المصطلح كل القبائل الليبية التي حافظة على لغتها واصولها وعاداتهم وتاريخها العريق… إقراء المزيد.




المصادر

  • كتاب الدواخل الليبية للرحالة الالماني غوتلوب آدولف كراوزة
  • ابن بطوطة،ت1378م، تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، نشره أكاديمية المملكة المغربية، الرباط ج4، ص271
ايهاب ازطاف
عن ايهاب ازطاف 693 مقالة
ايهاب ازطاف هو باحث ليبي من مدينة يفرن بجبل نفوسة، مهتم بدراسة اللغة الليبية ومفرداتها وقواعد نحوها ولسانياتها، وله شغف بالبحث في طوبونوميا ليبيا وايجاد علاقتها بالمجتمع وتاريخه واصوله، ويهذف لاعادة الاعتبار للهوية الليبية وحمايتها، وتقوية الانتماء للارض الليبية في نفوس سكانها.

موضوع مرتبط

  1. الملكة ديهيا بنت ماتيا – تاريخ واصول الليبيين الاصليين

شاركــــنا رأيك و بإحترام

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

*